في فترة ما قبل الثورة وصلت لمرحلة إن الأخبار كلها زي بعضها، وبطلت أقرأ جرايد. كنت بس ببص في الجرنال كنوع من الروتين، وأقف عند مقالة أو اتنين للرأي وبس. أثناء وبعد الثورة بقيت حاسة إني لازم أتابع وأعرف اللي بيحصل حواليا، بس دلوقت اتخنأت من الجرايد.
كنا زمان أساسي عندنا نجيب الأهرام (عشان الإعلانات والوفيات) والمصري اليوم. أظن يمكن وقت الثورة بابا قرر يقاطع الأهرام، ومن ساعتها واحنا بنجيب المصري اليوم بس، وأحيانًا التحرير. بس حتى وأنا ببص على مواقع الأخبار المصرية حاسة إن كلها زي بعضها، كلها تحريض يمين شمال. يا ناس الرحمة حلوة، احنا هنبني مع بعض إزاي إذا كنا بنشحن بعض على بعض؟ إذا كنا مش طايقين بعض هنسمع كلام بعض أو حتى هنسمّع صوتنا للي قصادنا إزاي؟
من كام يوم شوفت موضوع الملحق الانجليزي بتاع المصري اليوم والرقابة الداخلية وموقف فريق عمل ال"ايجبت اندبندنت"، ومتفائلة بيهم. رد المصري اليوم العربي والكلمتين بتوع المقالة تدخل خارجي وتحريض و"إلخ إلخ إلخ"، والكاتب مش عارفة ماله استفزوني. هو إن شاء الله اللي انتوا بتعملوه في النسخة العربي ده مش تحريض ولا تهييج؟ اقرأ الخبر... شوف مش عارفة مين بيعمل ايه. وقد يكون الخبر في حد ذاته مش ببشاعة العنوان، لكن العنوان لازم يعمل فرقعة. لا، أصل دي كتابة صحفية، هي كده، مش مقصود حاجة.
النهاردة جبت آخري لما شفت خبر (أنا قريت الخبر مطبوع، مختلف شوية) في المصري اليوم عن السي دي اللي اتحصلوا عليه اللي بيثبت إن نشطاء خدوا فلوس من برة. احنا حاولنا نكلم الناس نستوضح منهم بس موبايلاتهم مقفولة، وبما إن دي لسه تحقيقات جارية فهننشر الأحرف الأولى من أسمائهم بس. والاقتباسات اللي محطوطة من نوع فلان بيكلم علان عل الشات وبيقوله إنت خدت فلوس من مش عارف فين؟ آه، هو أنا قدمت، بس رجعت ندمت عشان مبقاش بايع نفسي وإلخ. ومش عارفة مين تاني بيسأل علان العلاني عن إن فريدوم هاوس بيمولها واحد صهيوني ومش عارفة ايه.
طيب الكلام ده ليه بقية؟ يعني في سلسلة هتتنشر حولين موضوع التمويل ده؟ مش باين من البتاع المنشور النهاردة. طب في أي كلام عن الفلوس اللي زي ما عنوان كان بيقول إن فرد خد 14 ألف دولار من مبادرة الشرق الأوسط اتصرفت إزاي. هو في ما يمنع إن منظمات المجتمع المدني أو حتى الأفراد ياخدوا فلوس من برة، هو في فلوس جوة وأنا مش واخدة بالي؟ ثم ايه اللي يعيب إن حد يتمول من أي جهة طالما إن يبقى في مراقبة على التمويل ده بيروح فين وبيتعمل فيه ايه؟
وسبحانك يا ربي التحقيقات دي و"الرقابة" بتطلع على ناس وناس. الاتقان والذمة والضمير بيظهروا في أوقات، وأوقات ولا الهوا. أنا ميهمنيش أفراد وماعنديش اللي أحكم بيه على حد، وميخصنيش أحكم على حد أصلاً. لو فيه تحقيقات فعلاً نزيهة ومستقلة، معنديش مشكلة، لكن التحقيقات ال"selective" دي متعجبنيش. يا كله يتحاسب يا تبطلوا تلعبوا بينا.
أنا باشتغل في منظمة أهلية (غير حكومية وغير هادفة للربح)، والحمد لله إن مجالها في الصحة وليها تواجد في المجتمع، فيبقى في داعي إن بعض الشركات تدينا تبرعات نشتغل بيها (يعني آه هيعملوا خير بس هيستفيدوا من حبة دعاية برضه). والتبرعات دي نفسها مش كافية، بنحتاج برضه منح وغالبًا بتبقى من منظمات دولية. عمركوا سمعتوا عن منظمة مصرية معاها فلوس تطلع منح؟
طب منظمات حقوق الإنسان مثلاً تجيب فلوس منين؟ الشركات عندنا ما شاء الله ربنا يزيد ويبارك عندها فائض هائل من الأرباح إنها تتبرع وأنا مش واخدة بالي؟ وفي ظل النظام (اللي مش سابق)؟ آه، إحنا حقوق الإنسان عندنا مفيش أحسن منها، المنظمات دي بتتدلع وتمسك في الهايفة؟
يعني ألوم علينا لما منشغلش مخنا؟ ولا ألوم على اللي علمنا إزاي نستعمله (أو منستعملوش)؟ والإعلام دوره ايه في كل ده؟ هو المفروض ينور وللا يضلم عقولنا؟ هي مش ناقصاكوا، في ناس كتير بيضلموها علينا من غير ماتتعبوا نفسكوا.
الثورة لسا مانتصرتش ولسه ماخلصتش، يمكن متكونش بدأت أصلاً (كل واحد ووجهة نظره)، لكن كفاية عك، وكفاية ضلمة. واللي مش عايز يولع النور، يسيب الفيشة في حالها.